الرياضة من أجل التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المرونة والفرص

إن القوة التحويلية للرياضة تمتد إلى ما هو أبعد من المنافسة والترفيه، حيث تعمل كقوة فعالة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، برزت مبادرات الرياضة من أجل التنمية كأدوات حاسمة لمعالجة التحديات الملحة، بما في ذلك البطالة بين الشباب، وعدم المساواة الاجتماعية، ومشاكل الصحة العقلية، والنزوح بسبب الصراعات. ومن خلال إنشاء منصات للمشاركة والإدماج وبناء المهارات، ساعدت هذه البرامج عددًا لا يحصى من الشباب على التغلب على الشدائد وبناء مستقبل أكثر إشراقًا. يستكشف هذا المقال كيف غيرت الأحداث الرياضية ومبادرات الرياضة من أجل التنمية حياة الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع الإشارة إلى أحداث محددة، ورؤى إحصائية، ودروس مستفادة من نجاحاتها.
أهم الأحداث الرياضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: قصص النجاح
كأس العالم قطر 2022
لم تكن بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر مجرد عرض غير مسبوق لكرة القدم فحسب، بل كانت أيضًا فرصة لتعزيز مشاركة الشباب والتنمية الحضرية. وكجزء من إرث الحدث، تم تصميم برامج لتوفير التدريب للشباب المحلي في إدارة الأحداث والقيادة والضيافة. ووفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، شارك أكثر من 15000 شاب في ورش عمل لبناء المهارات خلال المرحلة التحضيرية.
بطولة العالم لألعاب القوى 2019
وقد سلط هذا الحدث، الذي استضافته قطر، الضوء على دور الشباب في بناء الثقافة والبنية الأساسية الرياضية. وقد أشرك هذا الحدث آلاف الطلاب والشباب في برامج تطوعية، مما سمح لهم بتطوير المهارات العملية وبناء شبكات من شأنها دعم تطلعاتهم المهنية المستقبلية.
مهرجان الرياضة الدولية في غزة
وعلى الرغم من التحديات التي يفرضها الصراع المستمر، فقد وفرت فعاليات الرياضات الحركية مثل مهرجانات الباركور في غزة للشباب مساحات آمنة للتعبير عن أنفسهم، وتعلم المرونة، والمشاركة في أنشطة بناءة. وأفاد أكثر من 80% من الشباب المشاركين بتحسن صحتهم العقلية وشعور أقوى بالانتماء إلى المجتمع، وفقًا لمسح أجرته منظمات غير حكومية محلية.
دروس مستفادة من تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حول الممارسات الواعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ويؤكد تقرير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "الممارسات الواعدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" على دور الرياضة في تعزيز المرونة بين الشباب في المناطق المتضررة من الصراع. وتعمل المبادرات الرياضية كمنصات للتماسك الاجتماعي، ومساعدة الشباب على تجاوز الصدمات وإعادة بناء الثقة في المجتمعات المتصدعة. على سبيل المثال، يسلط التقرير الضوء على المشاريع في الأردن التي استخدمت كرة القدم لإشراك اللاجئين السوريين، ومنحهم وسيلة للشفاء والتكامل. وتؤكد النتائج أن الرياضة يمكن أن تسد الفجوة بين الجنسين والعرق والوضع الاجتماعي والاقتصادي، مما يوفر فرص التمكين والنمو.
رؤى من تقرير معهد حقوق الإنسان
ويوضح التقرير الصادر عن المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان بعنوان "دور الشباب في النظام الوطني لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" كيف يمكن للبرامج الاستراتيجية القائمة على الرياضة أن تعالج عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. ويسلط التقرير الضوء على المبادرات في المغرب وتونس، ويوضح كيف جمعت البرامج المدعومة من الحكومة بين الرياضة والتعليم للحد من معدلات البطالة بين الشباب. على سبيل المثال، أطلقت وزارة الشباب والرياضة في المغرب برنامجًا يدمج التدريب الرياضي مع المهارات المهنية، ويستفيد منه أكثر من 10 آلاف شاب سنويًا. ويساعد هذا النهج المتكامل في معالجة الاحتياجات الفورية والتحديات الاقتصادية الطويلة الأجل.
نظرة عامة على مشاركة الشباب القطري في الأحداث الرياضية الكبرى
تتناول المقالة "توقعات التأثير الاجتماعي لشباب قطر المقيمين من عام 2022"، المنشورة في Frontiers in Sports and Active Living، تأثير الأحداث الكبرى مثل IAAF 2019 على تنمية الشباب. وتناقش كيف تم تصميم هذه الأحداث لترك إرث اجتماعي دائم من خلال إشراك الشباب المحلي في التخطيط والتنظيم وتنفيذ الأحداث الدولية. وتسلط النتائج الضوء على التحسن في ثقة المشاركين بأنفسهم والعمل الجماعي وقابلية التوظيف. ومن المهم أن يشير التقرير أيضًا إلى إمكانية الأحداث الكبرى لتحفيز التحسينات الاجتماعية والاقتصادية الأوسع نطاقًا عند دمجها مع البرامج المجتمعية.
دور الرياضة وقطاع التنمية الاجتماعية
تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عدم المساواة العميقة الجذور، وخاصة في الوصول إلى التعليم والتوظيف والحراك الاجتماعي، مما يؤثر على الشباب والمجتمعات المهمشة. وتعالج مبادرات الرياضة من أجل التنمية هذه التحديات من خلال خلق مساحات شاملة وفرص متساوية، وخفض البطالة بين الشباب بنسبة تصل إلى 20٪، وتخفيف مشاكل الصحة العقلية بنسبة 30٪، كما أبرزت دراسات اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية. وقد أطلق قطاع الرياضة من أجل التنمية والسلام، بالتعاون مع منظمات مثل اليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، برامج مستدامة تعالج التعليم والفقر والمساواة بين الجنسين، مثل مبادرة كرة القدم الفلسطينية "ركلة من أجل السلام" التي تعزز الحوار والتماسك.
خاتمة
إن نجاح الأحداث الرياضية وبرامج التنمية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يسلط الضوء على الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها الرياضة كمحفز للتغيير. ومن خلال توفير مسارات للخروج من الفقر، والحد من التفاوت، وتعزيز التماسك الاجتماعي، تعمل هذه المبادرات على تمكين الشباب من الارتقاء فوق الشدائد وبناء مستقبل أفضل. والدروس المستفادة من هذه المبادرات واضحة في أنه من خلال الاستثمارات الصحيحة، يمكن للرياضة أن تكون قوة تحويلية، وتحويل التحديات إلى فرص وتعزيز السلام والتنمية في واحدة من أكثر مناطق العالم تعقيدًا. وبالنظر إلى شرارة الدافع، في بوتقة المنافسة، يصبح الألم المحرق للرياضي عابرًا، ويطغى عليه السعي الدؤوب لتحقيق هدفه النهائي. إن هدير الجماهير المهيب، ووعد المجد، والشعور العميق بالهدف يجعل لسعة الإصابات وثقل الإرهاق غير مهمين. وتتقدم أجسادهم المنهكة بعزيمة لا تلين، مدفوعة بروح لا تقهر وتركيز لا يتزعزع. وعلى نحو مماثل، في هذا العصر الذي اتسم بالأزمات الإنسانية، يستطيع اللاجئون والمهاجرون الشباب الاستفادة من روح الرياضة، وتحويل اليأس إلى قدرة على الصمود ومواجهة الشدائد بشجاعة لا هوادة فيها. ومثلهم كمثل الرياضيين الملهمين الذين يتجاوزون الحدود الجسدية والعقلية، يستطيع هؤلاء الأفراد أن يرتفعوا فوق الخوف والندوب العميقة للنزوح، ويواجهوا محن الحياة بعزيمة ثابتة. وتمتد تطلعاتهم إلى ما هو أبعد من مجرد البقاء على قيد الحياة، لتصل إلى حياة غنية بالسلام والكرامة والعزم الهادئ ولكن المتحمس لإعادة البناء. وفي القيام بذلك، فإنهم يجسدون حقيقة عميقة مفادها أن النضال يكمن في الأساس لتحقيق النصر، وهو انتصار ليس فقط للجسد بل وللروح أيضا.
عن المؤلف
غلفيشان طاهر هي محللة أبحاث متخصصة ومديرة أعمال رياضية حائزة على جوائز ولديها أساس أكاديمي قوي من جامعة شيفيلد هالام. تمزج رحلتها بين الخبرة العميقة في الأداء العقلي للرياضيين وقطاع الرياضة المجتمعية ونظام الأعمال الرياضية من خلال تطبيق الحلول القائمة على التكنولوجيا لدفع الابتكار والتأثير. وهي أيضًا مؤلفة النشرة الإخبارية لـ LinkedIn "المجتمعات والرياضة والرفاهية". LinkedIn
النشاط