مساحات مؤقتة للتعلم في غزة: شريان حياة للتعليم في ظل الحرب المستمرة

فهم التحديات التي تواجه أطفال غزة
تقع غزة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وعلى مدى عقود من الزمن، كانت غزة بمثابة بؤرة للصراع، مما أدى إلى حالة مستمرة من عدم الاستقرار لسكانها. وعلى مدى العامين الماضيين، وصل هذا عدم الاستقرار إلى نقطة حرجة. لقد أدت الحرب المستمرة إلى تعطيل الحياة اليومية للسكان، مما أدى إلى دمار واسع النطاق، مع تأثير خاص على الأطفال وقدرتهم على الوصول إلى التعليم.
ولم تسفر الحرب عن تدمير البنية الأساسية السكنية والعامة فحسب، بل أدت أيضاً إلى تدمير العديد من المرافق التعليمية. وكثيراً ما تضطر الأسر إلى الانتقال من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الأمان من الحرب الدائرة. ونتيجة لهذا، لم يتمكن الآلاف من الأطفال في غزة من الالتحاق بالمدارس العادية، وبالتالي فقدوا التعليم ــ وهو حق أساسي ضروري لمستقبلهم. وقد أدى الجمع بين المدارس المدمرة والنزوح المستمر للأسر إلى تراجع تعليم الأطفال في غزة بشكل خطير. وفي الوقت الحالي، لا يتمكن سوى حوالي 7% من أطفال غزة من الوصول إلى أماكن التعلم المؤقتة، وهي عبارة عن فصول دراسية مؤقتة صغيرة تنظمها منظمات إنسانية وتعليمية. وتمثل هذه الأماكن المؤقتة فرصة نادرة للأطفال لمواصلة التعلم في خضم الأزمة المستمرة.
محاضرة تمارا أورتاني في TEDx | شاهد على اليوتيوب
التزام PS4L بالتعليم في خضم الحرب
في هذه البيئة الصعبة، تحدث منظمات مثل فلسطين للرياضة من أجل الحياة تأثيرًا كبيرًا. تعد فلسطين للرياضة من أجل الحياة جزءًا من مجموعة التعليم، وهي تحالف من المجموعات المخصصة لدعم الأطفال النازحين والمستضعفين في غزة. حتى مع عدم الاستقرار المستمر، تمكنت فلسطين للرياضة من أجل الحياة من الوصول إلى أكثر من 1000 طفل، وتزويدهم بالقدرة على الوصول إلى التعليم الذي كان ليكون بعيدًا عن متناولهم لولا ذلك. بالإضافة إلى توفير الأنشطة الترفيهية لأكثر من 25000 طفل.
تقع أماكن التعلم المؤقتة التي يوفرها مشروع PS4L في أماكن استراتيجية في المناطق التي نزح إليها النازحون إلى دير البلح وخان يونس ودار الأمل في مدينة غزة. وفي هذه الأماكن، يستطيع الأطفال تعلم مواد أساسية مثل اللغة الإنجليزية والعربية والرياضيات، مما يسمح لهم بمواصلة تعليمهم حتى في ظل الاضطرابات التي تشهدها محيطهم. ولا تقتصر هذه الجهود على الجانب الأكاديمي؛ بل إنها تهدف إلى منح الأطفال الاستقرار والأمل والشعور بالطبيعية في عالم لا يمكن التنبؤ به.
إنشاء مساحات آمنة للتعلم
تم تصميم مساحات التعلم المؤقتة في PS4L بعناية لتكون أكثر من مجرد فصول دراسية بسيطة. فهي تهدف إلى توفير مساحات آمنة حيث يمكن للأطفال الهروب من صدمة الصراع، والتركيز على التعلم، والشعور بالأمان. تم تجهيز هذه البيئات بالمواد التعليمية اللازمة، ويتلقى مدربو PS4L تدريبًا متخصصًا لمعالجة التحديات المحددة التي يواجهها الأطفال الذين عاشوا الصراع.
يتم تقييم الاحتياجات التعليمية لكل طفل على حدة، مما يسمح للمعلمين بتخصيص الدروس للمستوى المناسب. وهذا يضمن أن يتمكن الأطفال من تعلم المواد الأساسية بشكل فعال، والتي ستكون حاسمة لتعليمهم وتطورهم في المستقبل. وبعيدًا عن الجانب الأكاديمي، فإن نهج PS4L يعترف بالضريبة العاطفية التي خلفها الصراع. ويهدف إلى دعم الرفاهية النفسية للأطفال بقدر ما يهدف إلى دعم تقدمهم الأكاديمي، وتوفير نهج شامل لتطورهم.
تأثير جهود PS4L في غزة
لقد أصبحت المساحات التعليمية المؤقتة التي تديرها منظمة PS4L مصدر تفاؤل للأطفال الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمؤسسات التعليمية التقليدية لفترة طويلة. ومن خلال التركيز على التخصصات الأكاديمية الأساسية، تساعد منظمة PS4L هؤلاء الأطفال على استعادة ثقتهم بأنفسهم وتمهيد الطريق لهم لمواكبة أقرانهم الأكاديميين. ومع ذلك، فإن عمل المنظمة لا يركز فقط على التعليم؛ بل يشمل أيضًا إعادة بناء قدرة الأطفال على الصمود، وتعزيز الأمل، واستعادة الشعور بالحياة الطبيعية في بيئة تتسم إلى حد كبير بالصراع. وفي حين أن نسبة صغيرة فقط من أطفال غزة لديهم القدرة على الوصول إلى هذه المساحات حاليًا، فإن منظمة PS4L والمجموعات الأخرى داخل مجموعة التعليم توضح إمكانات التعاون. وتظل المنظمة ملتزمة بالوصول إلى عدد أكبر من الأطفال، ومساعدتهم في تطوير المهارات اللازمة للتغلب على تحديات الحاضر وبناء مستقبل أكثر إشراقًا.
التعليم كمنارة أمل في الأوقات غير المستقرة
بالنسبة لأطفال غزة، لا يقتصر التعليم على تعلم الحقائق والأرقام، بل إنه شريان حياة. وفي منطقة حيث يشكل عدم اليقين والعنف جزءًا من الحياة اليومية، يبرز عمل PS4L كالتزام قوي بفكرة مفادها أن كل طفل، بغض النظر عن مكانه، يستحق الحق في التعلم. ومن خلال إنشاء مساحات تعليمية مؤقتة وسط الدمار، توفر PS4L أكثر من مجرد التعليم؛ فهي توفر الاستقرار والمرونة وفرصة الحلم بمستقبل أفضل.
في غزة، حيث يهيمن الصراع بشكل متكرر على الحياة اليومية، تعمل منظمات مثل PS4L كرموز للصمود والعزيمة. هذه البيئات التعليمية المؤقتة ليست مجرد حلول مؤقتة؛ بل هي منارات الأمل، وتضمن أنه حتى خلال الفترات الأكثر تحديًا، يتمتع أطفال غزة بفرصة التعلم والنمو وتصور مستقبل أكثر إشراقًا لأنفسهم ومجتمعاتهم. من خلال التعليم، تحافظ PS4L على وعد مستقبل أكثر إشراقًا لأصغر وأضعف سكان غزة.
عن المؤلف
تمارا عورتاني هي مؤسسة ومديرة فلسطين: الرياضة من أجل الحياة ومستشارة الرياضة من أجل التنمية | LinkedIn
النشاط