من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط: كيف تكيفت منهجية رياضية مبتكرة في تشيلي مع مخيمات النزوح السوري

في عام 2023، تعاونت منظمة Futbol Mas واليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة Mercy Without Limits لتنفيذ برنامج قائمة على الرياضة للأطفال النازحين في المخيمات السورية.

قامت  المبادرة بتدريب الأشخاص المتخصصين في المجال الإنساني على تعزيز المساحات الآمنة والشاملة للتنمية الاجتماعية والعاطفية من خلال اللعب وعلى الرغم من التحديات، فقد نجحت في تعزيز المساواة بين الجنسين والتعافي النفسي والاجتماعي لأكثر من 2000 طفل.

 




فيديو ملخص لمشروع "الرياضة لحماية الطفل والاستجابة للطوارئ في شمال غرب سوريا" من قبل Futbol Mas | شاهد على اليوتيوب

في فبراير من ذات السنة، تعرض شمال سوريا إلى زلزال أرضي، مما أدى إلى نزوح آلاف الأسر، واضطرارها للانتقال إلى مخيمات النازحين داخليًا. نشأت تحديات متعددة من هذا الوضع، مما أثر على رفاهة المجتمعات، وخاصة الأطفال، الذين ظل معظمهم خارج المدرسة لفترات طويلة، ويعاني بعضهم من ضائقة نفسية. تم تحديد العنف والممارسات الضارة تجاه الأطفال، مما يؤكد الحاجة إلى حماية الطفل والدعم النفسي والاجتماعي. 
تشكل عوامل مثل الفقر ونقص الوعي والمعايير الجنسانية التقييدية حواجز أمام التحاق الفتيات بالمدارس ومشاركتهن في الرياضة وكانت هناك حاجة إلى جهود خاصة لمعالجة تحديات النوع الاجتماعي.

"Futbol Mas" هي منظمة غير حكومية تأسست في تشيلي عام 2008، وطورت منهجية تسعى إلى التنمية الاجتماعية والعاطفية من خلال اللعب والرياضة. ومنذ عام 2008، تكيفت المنهجية مع بلدان وسياقات مختلفة، ومن بينها العمل مع الأطفال والشباب النازحين قسراً. ومن خلال اللعب والرياضة، تسعى برامج فوتبول ماس إلى تعزيز المساحات الآمنة لتعزيز رفاهية الأطفال واستعادة حقهم في اللعب.

عندما تم التواصل بين فوتبول ماس ومنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة رحمة بلا حدود الإنسانية العاملة في مجال النازحين في سوريا، ظهر تحدي جديد: كيف يمكننا تكييف المنهجية الاجتماعية الرياضية مع مخيمات النازحين السوريين؟

وُلِد مشروع جديد: "الرياضة لحماية الأطفال والاستجابة للطوارئ في شمال غرب سوريا"، والذي يسعى إلى تعزيز حقوق الأطفال ورفاهتهم في المخيمات السورية من خلال الرياضة واللعب. ولتحقيق هذا الهدف، تم تصميم برنامج قوي لبناء القدرات من قبل Futbol Mas، لتدريب مجموعة من المتخصصين السوريين في المجال الإنساني العاملين في المخيمات، حتى يتمكنوا من تنفيذ منهجية تعتمد على الرياضة مع الأطفال والشباب النازحين.

وشمل برنامج بناء القدرات منهجيات تدريبية مختلطة، مع التدريب في الموقع وفعاليات خاصة عبر الإنترنت ومنصة التعلم الرقمية، ومجتمع التعلم التفاعلي للمحترفين لتبادل أفضل الممارسات والتحديات.

تم تطوير محتوى التدريب على أساس تقييم الاحتياجات، من أجل تحديد الموضوعات الأكثر ملاءمة للعمل مع الفئة المستهدفة. ونتيجة لذلك، تم دمج وحدات نفسي اجتماعي لدعم الأطفال نفسيًا واجتماعيًا، مثل: الثقة والروابط الإيجابية؛ وحل النزاعات بشكل حازم؛ والاعتراف بالعواطف والتعبير عنها؛ من بين أمور أخرى. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك وحدات تقنية ورياضية، والتي جعلت من الممكن معًا التخطيط لتنفيذ الأنشطة مع الأطفال والمراهقين على أساس ثلاثة مناهج متقاطعة: حقوق الطفل، والدمج وعدم التمييز، والمساواة بين الجنسين.

تم تقسيم تنفيذ المشروع إلى ثلاث مراحل: في نوفمبر 2023، نفذ محترفو Futbol Masالتدريب الميداني في تركيا، حيث تم تدريب 14 محترفًا من منظمة MWL غير الحكومية، وتم تقييمهم من خلال اختبار المعرفة النظرية والتقييم العملي في الميدان. ثم في ديسمبر 2023، نفذ محترفو MWL المدربون من قبل Futbol Mas مرحلة ثانية من التدريب النظري والعملي لـ 31 محترفًا في سوريا، من نفس المنظمة. أخيرًا، نفذ المحترفون المدربون في سوريا، بناءً على منهجية Futbol Mas، البرنامج الاجتماعي الرياضي لـ 2007 طفل وشاب في المخيمات في مخيمات اللاجئين السوريين بين ديسمبر 2023 ويناير 2024، منهم 1011 فتى و996 فتاة.

وبحسب النتائج، فقد اجتاز 83% من المهنيين المدربين الاختبار النظري، و100% اجتازوا الاختبار العملي، وهو ما يعكس نجاح عملية تدريب المهنيين. إلا أن الجانب الأكثر أهمية من حيث النتائج يمكن ملاحظته في التأثير الذي خلفته هذه العملية على مجتمعات الأطفال والشباب في مخيمات النازحين الواقعة في عفرين وفي منطقة الدانا في محافظتي حلب وإدلب السوريتين. فقد أتاح التدريب الفرصة لإنشاء مساحات آمنة لاستعادة حق الأطفال في اللعب والترفيه في الأماكن العامة، وإنشاء مجتمع وقائي لتعزيز هذه الأنشطة، وهي جوانب أساسية في عمليات التعافي النفسي والاجتماعي في حالات الأزمات الإنسانية.

كان أحد التحديات المحددة التي واجهها المشروع هو تعزيز مشاركة الفتيات والشابات، اللاتي كن في حالة من عدم المساواة في ممارسة حقوقهن واحتلال الأماكن العامة. وبهذه الطريقة، وبفضل تدريب المهنيين في MWL، أصبح من الممكن خلق الظروف اللازمة لبناء بيئات آمنة للفتيات والفتيان على حد سواء، وتحقيق المشاركة المتساوية لكلا الجنسين في البرنامج.

ومن الجوانب الأخرى التي يجب تسليط الضوء عليها أهمية الشراكات الدولية وإمكانية التعاون مع منظمات من مناطق وواقع مختلفين تمامًا. وفي هذه الحالة، تمكنت منظمة أنشئت في أمريكا اللاتينية من مشاركة معرفتها وخبرتها مع منظمة من الشرق الأوسط، حتى تتمكن من تكييف المنهجية وتطبيقها في سياقها الخاص. كان أحد التحديات الرئيسية في البداية هو حاجز اللغة، لكن أحد الدروس المستفادة من المشروع هو أن الرؤية المشتركة بين المنظمتين واستخدام كرة القدم واللعب تمكنت من التغلب على الحواجز اللغوية والثقافية، والتي لم تكن عائقًا ولا صعوبة في تطوير المشروع. أصبح نجاح المشروع ممكنًا بفضل الالتزام العالي من جانب جميع المهنيين المشاركين برفاهية الأطفال، والذي يشكل النواة المشتركة التي حشدت المنظمات الثلاث المشاركة في المشروع: اليونيسيف، ومنظمة الرحمة بلا حدود، وكرة القدم.

عن المؤلفين

كاثرين هورمازابال: منسقة المنهجية الدولية في Fútbol Más. عاملة اجتماعية، جامعة ألبرتو هورتادو، سانتياغو دي تشيلي. ماجستير في الحماية القانونية والاجتماعية للأشخاص والمجموعات المستضعفة من جامعة قادس، إسبانيا.

بيرين مارديني: مديرة مختبر الابتكار في Fútbol Más. درجة الماجستير في الاقتصاد الاجتماعي من كلية إدارة الأعمال ESSCA والجامعة الكاثوليكية الغربية، فرنسا.

سيباستيان بيليسر: منسق إدارة المعلومات في Fútbol Más، عالم اجتماع، الجامعة الكاثوليكية في سانتياغو دي تشيلي.